في سياق العناية المتزايدة التي توليها الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله وأيده لقطاع الطفولة والشباب، وتنزيلًا للمضامين التوجيهية للبرنامج الوطني للتخييم ومجالاته، وفي إطار مقاربة تستحضر العدالة المجالية، وحق الأطفال في التنشيط والتربية غير النظامية، تستعد دار الشباب مولاي الحسن بالهراويين، بتنسيق مع المديرية الإقليمية لوزارة الشباب والثقافة والتواصل بمديونة، لاستقبال مخيم القرب الصيفي، وذلك ابتداءً من يوم 15 يوليوز 2025، بمشاركة فئات عمرية مختلفة من أبناء المنطقة.
وتكتسي هذه المحطة التربوية أهمية خاصة، ليس فقط باعتبارها استراحة صيفية مؤطرة، بل لأنها تمثل فضاءً لبناء الذات، وتعزيز السلوك المدني، وترسيخ القيم الوطنية والكونية، في بيئة تعاني من ندرة في العرض التنشيطي وغياب البنيات السوسيو-تربوية الكفيلة باحتضان طاقات الأطفال والشباب وتوجيهها.
برنامج متكامل… وتربية عبر النشاط
ينبني هذا المخيم على بيداغوجيا التنشيط التربوي، باعتبارها مدخلًا أساسياً لتنمية المهارات الحياتية للأطفال، وبناء شخصيتهم على أسس من الاستقلالية، والذكاء العاطفي والاجتماعي. كما يتم اعتماد أنشطة مؤطرة متنوعة تشمل:
الورشات التعبيرية والفنية: المسرح، التعبير الجسدي، الموسيقى، والرسم.
أنشطة التربية البيئية: تنمية الوعي البيئي والتربية على احترام الطبيعة وحماية الموارد.
الأنشطة الرياضية والألعاب الجماعية: لترسيخ قيم التعاون، والانضباط، والتنافس الشريف.
ورشات المواطنة والسلوك المدني: لتعزيز الشعور بالانتماء، والتربية على الحقوق والواجبات.
أنشطة الحكي والقراءة الموجهة: لتغذية الخيال، وتحفيز التفكير النقدي.
ورشات الصحة النفسية والجسدية: التوعية بالنظافة الشخصية، والتغذية السليمة، والتوازن العاطفي.
وسيتم تنفيذ هذه الأنشطة ضمن مقاربة دامجة تشاركية، تجعل من الطفل فاعلًا في تجربته التربوية لا مجرد متلقٍ سلبي، وتحرص على إدماج الأطفال في وضعيات اجتماعية صعبة، إيمانًا بأن المخيم هو حق تربوي، ورافعة للاندماج، والتمكين، وبناء الثقة في النفس.
إشادة بالمجهود المؤسساتي والقيادة الميدانية
إن تنظيم هذا المخيم هو ثمرة رؤية استراتيجية ناضجة، تبلورت على مستوى إقليم مديونة بفضل القيادة التربوية والإدارية للسيد محمد كراع، المدير الإقليمي لوزارة الشباب والثقافة والتواصل، الذي استطاع أن يُعيد الاعتبار للعمل الشبابي، ويمنح دفعة قوية للتنشيط التربوي بالمؤسسات الشبابية بالإقليم، من خلال الانفتاح على المحيط، وتثمين الطاقات المحلية، وتوسيع قاعدة الاستفادة من الأنشطة التكوينية والترفيهية.
وقد تميز السيد كراع، بحضوره الميداني المتواصل، وتفاعله المسؤول مع الفاعلين التربويين والجمعويين، معتمدًا على أسس الحكامة والتخطيط والتقائية الجهود، لترسيخ ثقافة الفعل الشبابي المستدام.
كما نخص بالثناء السيد عبد الحق الفكاك، مدير دار الشباب مولاي الحسن، الذي أبان عن مهنية عالية، وحنكة تربوية راقية، في الإشراف على التحضيرات اللوجستيكية والبيداغوجية للمخيم، وضمان جودة التأطير، وسير البرنامج وفق الأهداف التربوية المرجوة. لقد جعل من المؤسسة فضاءً مفتوحًا وآمنًا، يحتضن الأطفال والشباب، ويستجيب لطموحاتهم التكوينية والترفيهية.
المخيم… حق تربوي وليس ترفًا
إن مخيم القرب بدار الشباب مولاي الحسن ليس ترفًا ظرفيًا، بل هو تجسيد ملموس لحق الطفولة في التربية غير النظامية، ومجالٌ عملي لغرس القيم، وتعزيز المواطنة، وتقليص الفوارق في الولوج إلى الفعل الثقافي والتربوي.
وتكمن رمزية المخيم في كونه يُنظم في منطقة الهراويين، التي لطالما عانت من التهميش وقصور البنيات التنشيطية، والتي تعيش اليوم دينامية جديدة بفضل هذا الفعل التربوي الوطني النبيل، الذي يسعى إلى تحقيق الإدماج، وتحفيز الأمل، وخلق مسارات جديدة للتنمية البشرية عبر التربية والثقافة.
خاتمة
إن رهانات هذا المخيم تتجاوز الإطار الزمني والمكاني للمحطة، لتكرّس تصورًا استراتيجيًا عنوانه:
“التربية بالنشاط، والمواطنة بالممارسة، والتنمية من خلال الطفولة والشباب”.
فلنُحيي كل من ساهم في إنجاح هذا الورش التربوي الواعد:
شكرًا لوزارة الشباب والثقافة والتواصل،
شكرًا للمديرية الإقليمية بمديونة في شخص السيد محمد كراع،
وشكرًا خاصًا للسيد عبد الحق الفكاك، مدير دار الشباب مولاي الحسن،
ولكل من آمن أن الطفولة المغربية تستحق الأفضل… في كل مكان.
أمين الحطاط
تعليقات
0