الدار البيضاء-أسماء خيندوف
شهد المغرب في عام 2024 تحولا تاريخيا في إدارة موارده المائية، حيث أصبح استهلاك المياه الصالحة للشرب يتفوق لأول مرة في تاريخه الحديث على مياه الري الزراعي. هذا التحول اللافت جاء نتيجة لتداعيات ست سنوات من الجفاف المتواصل، التي تفاقمت بفعل التغيرات المناخية، مما فرض على السلطات إعادة هيكلة استراتيجياتها لإدارة المياه بشكل يتماشى مع الظروف البيئية الراهنة.
وحسب وزارة التجهيز والماء، كان الهدف من هذا التعديل الاستراتيجي ضمان توفير المياه الصالحة للشرب لسكان المملكة، في ظل تزايد الضغط على الموارد المائية بسبب تزايد احتياجات القطاع الزراعي.
ففي عام 2018، تم تخصيص 2.6 مليار متر مكعب من المياه للري، بينما تم تخصيص 743 مليون متر مكعب فقط لمياه الشرب. واستمر هذا التوجه حتى عام 2023، رغم الانخفاض التدريجي في الكميات المخصصة للري.
إلا أن الوضع تغير جذريا في عام 2024، حيث انخفضت الكميات المخصصة للري إلى 910 ملايين متر مكعب، بينما ارتفعت تلك المخصصة لمياه الشرب إلى 1.06 مليار متر مكعب، مما يعكس التحول الكبير في أولويات الدولة.
ويأتي هذا التحول في إطار الاستراتيجية الحكومية لمواجهة ندرة المياه، حيث قامت وزارة التجهيز والماء، بالتنسيق مع القطاع الفلاحي، بوضع برامج مبتكرة تهدف إلى تحسين استخدام المياه وتلبية احتياجات المواطنين من جهة، ودعم القطاع الفلاحي من جهة أخرى.
ويعكس هذا التوجه الأرقام المقلقة، حيث بين عامي 2018 و2024، شهدت المياه المخصصة للري انخفاضا بنسبة 65%، من 3.17 مليار متر مكعب في 2019 إلى 910 ملايين متر مكعب في 2024. في المقابل، شهد إمداد المياه الصالحة للشرب زيادة بنسبة 43%، ليصل إلى أعلى مستوى له في تاريخه في عام 2024.
كما تعتبر سنة 2024 نقطة تحول فارقة بالنسبة للمغرب، حيث يفرض الواقع الجديد على البلاد التكيف مع التحديات المتعلقة بندرة المياه. هذا التوازن بين مياه الشرب والري يكشف عن حجم التحديات التي يواجهها المغرب، ويبرز الحاجة الملحة لإدارة مستدامة ومرنة للموارد المائية لضمان استدامة الحياة في المملكة.
ظهرت المقالة لأول مرة في تاريخ المغرب.. استهلاك المياه الصالحة للشرب يتجاوز مياه الري أولاً على 24 ساعة.
تعليقات
0