التهديد تمظهرا من تمظهرات البؤس السياسي المغربي.

التهديد تمظهرا من تمظهرات البؤس السياسي المغربي.

سامي الفرج

لا شك أننا ألفنا، نحن معشر المغاربة، قفشات السياسيين طيلة السنوات الأخيرة و ما هتفوا لنا عبر في وسائل الإعلام الاجتماعي من أوابد الكلام و غرائبه، رغبة منهم أحيانا في التماهي مع لحن قول البسطاء باعتبارهم قاعدة جماهرية مهمة، و جسا لنبض الوعي السياسي لدينا أحايين أخرى، في سياق الاطمئنان العادي على استقرار تخلفنا و جهلنا.

بيد أننا، و نحن نمرُّ مرور الكرام آسفين على هذه الخلطة العجيبة التي جعلت من الوعي السياسي المغربي ما هو عليه الآن، لا بد أن نقف غير ما مرة أمام بعض التصريحات المغلفة بورق بحب الأوطان، و المحشوة بغير قليل من التهديد. فلا بد أن ادريس لشكر ، في مهرجانه الخطابي بالقنيطرة الثلاثاء الفارط، وزن كلماته جيدا قبل أن يقذف في روع الحاضرين أولا، و رواد المارد الأزرق ثانيا، تهديدا صريحا بإعادة إنتاج السيناريو السوري في حال فوز حزب العدالة و التنمية يوم 7 أكتوبر.

و لم يكتف الأمين العام لحزب الاتحاد الاشتراكي بالإشارة إلى جريحة الإنسانية، سوريا، بل مضى يقارن بين منافذ الهرب في حال حدوث سيناريو مماثل، مشيرا أن السوريين لديهم إمكانية الفرار بما أن أمامهم البر، أما المغاربة فلا حيلة لهم و البحر من أمامهم غربا و شمالا. أما شرقا فلا نقاش فيه، بإعتبار أن الجزائر على حد قوله، “داروا علينا سور”.

و لم يك ادريس لشكر الأول في استخدام الوعيد، فقد سبقه زميله في الحرفة، عبد الإله بنكيران، عندما قال في كلمة ألقاها في اجتماع الكتاب المجاليين لشبيبة حزب العدالة والتنمية في يونيو المنصرم في ما معناه : أي إرباك للتجربة المغربية سيكون مأساويا، وأضاف : إما نجاح حقيقي وإلا فالكل سيؤدي العواقب.

و قبل ذلك، هدد رئيس الحكومة الحالي وزارة الداخلية بخروج الشعب إلى الشارع للاحتجاج في حالة ما حصل تزوير في انتخابات 7 أكتوبر المقبل، معللا أن استطلاعات الرأي أثبتت بالواضح فوز حزب العدالة و التنمية.

سياسيونا يتكلمون و كأن الهبّات الشعبية عبر العالم كانت يوما من الأيام بسبب عامل وحيد معزول، و أن محض فوز حزب من الأحزاب سيغير خارطة السياسة في الدولة. هذا القول سيكون فيه كثير من الحقيقة إن كنا في دولة روحها الديمقراطية لا تختزل فقط في آلية التصويت. أما و نحن في المغرب، فلا يمكننا، البتة، تصور أن فوز حزب معين سيغير من ملامح حيواتنا بشكل عام، لأن التحكم باق و يتمدد، بمباركة من غالبية الشعب الذي لم يستطع بعد استيعاب كلمات من قبيل “علمانية”، “ديمقراطية” أو “ملكية برلمانية”، فضلا على أن يستشرف آثارها في مستقبله القريب أو البعيد المدى.

إذن، أدعو “كبار قاداتنا العظام” إلى الكف عن محاولة استغفالنا و استخدام لغة الوعيد و التهديد، و أن يتفادوا ما أمكن استحضار التجارب العربية في ثورات ما سمي بالربيع العربي لأن هناك مغاربة لا يحدثون الفوضى بسبب خوفهم منها فقط، و إنما لحبهم الشديد لهذا الوطن.

أخيرا، أحب أن أذكر أنني أدعوهم سلميا قبل أن أبدأ في مقاضاة كل سياسي يستخدم لغة التهديد من أجل مناصب و مكاسب بئيسة.

أضف تعليقك

من شروط النشر : عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الإلهية، والابتعاد عن التحريض العنصري والشتائم.

تعليقات

0